التنوير العربي كمنقذ من الطائفية والمذهبية

image_pdf

بداية أود طرح هذا السؤال: لماذا يرفض الغربيون العودة إلى الأصولية المسيحية؟ لأنهم يعرفون معنى التدين الأصولي القديم وكل العصبيات الطائفية والمذهبية التي يحملها معه أو تحت طياته. وهذا شيء يريدون تحاشيه بأي شكل كان؛ فقد عانوا حروب المذاهب المسيحية ما عانوا إلى درجة أن مجرد ذكراها يبث الرعب والاشمئزاز في النفوس. يكفي أن نعلم أن حرب الثلاثين عامًا (1618-1648م) دمرت نصف ألمانيا تقريبًا، واجتاحت معظم أنحاء أوربا الأخرى. وهم لا يريدون العودة إلى هذه الحروب الطائفية التي مزقتهم تمزيقًا. وقُل الأمر ذاته عن الحرب الأهلية الرهيبة التي جرت بين الكاثوليكيين والبروتستانتيين في فرنسا. أصلًا التنوير جاء كرد فعل على هذه الحروب المذهبية التي حطمت أوربا. الكاثوليكيون والبروتستانتيون كانوا أيضًا يكفّر بعضهم بعضًا مثلما تفعل المذاهب والطوائف عندنا حاليًا. كل طرف كان يدعي أنه يمثل العقيدة المسيحية القويمة المستقيمة التي لا تشوبها شائبة، وأن الطرف الآخر منحرف عنها ومهرطق وزنديق، ومن ثم فهو كافر يحل دمه.

وهذا يعني أن عقيدة الفرقة الناجية موجودة أيضًا في المسيحية. جماعة البابا والفاتيكان يعتقدون اعتقادًا جازمًا أنهم هم الذين يمثلون المسيحية الحقة وليس البروتستانتيون أو الأرثوذكس الروسيون أو غير الروسيين من يونانيين وصرب ومسيحية شرقية عربية. وعلى هذا الأساس كان الكهنة والقساوسة يهيجون المتدينين البسطاء بعضهم على بعض لارتكاب المجازر والذبح على الهوية. عندئذ قرر فلاسفة التنوير فتح ملف العقيدة اللاهوتية المسيحية. واتخذوا قرارًا بتفكيكها والانتقام منها حتى العظم! ماذا فعل بيير بايل وسبينوزا وفولتير ومونتسكيو وروسو وديدرو والموسوعيون… إلخ؟ هذا ناهيك عن كانط وهيغل وفويرباخ ونيتشه… إلخ. هنا بالضبط يكمن جوهر مشروع التنوير الكبير الذي يريد بعض المثقفين العرب القفز عليه بحجة أنهم تجاوزوه ووصلوا إلى مرحلة ما بعد الحداثة! برافو!

سؤال فلسفي مطروح على واقعنا العربي الإسلامي

السؤال المطروح الآن هو: ما معنى اللحظة التاريخية التي نعيشها حاليًا؟ في أي لحظة من التاريخ نتموضع نحن كعرب وكمسلمين؟ هل حقًّا تجاوزنا مرحلة الحداثة إلى ما بعد الحداثة، والتنوير إلى ما بعد التنوير، كما فعلت مجتمعات أوربا المتقدمة؟ أم أننا لا نزال متخلفين عقليًّا ومتأخرين فكريًّا؟ لماذا لم تعد تحصل أي مجزرة طائفية أو مذهبية في فرنسا أو ألمانيا أو سويسرا في حين أنها كانت شائعة طيلة القرون الوسطى بل حتى القرن الثامن عشر؟ ينبغي أن نعترف بأننا: لا نزال نتخبط في متاهات العصور الوسطى الطائفية التكفيرية. نحن نتخبط في خضم الحروب المذهبية التي حذَّر منها بالأمس القريب الأمير الشاعر المثقف خالد الفيصل. أطرح عليكم هذا السؤال: هل تجاوز المجتمع الباكستاني مرحلة المجازر الطائفية؟ ماذا حصل فيه مؤخرًا من مجازر طائفية بل يحصل بشكل دوري من وقت لآخر؟ وقل الأمر ذاته عن المجتمع الأفغاني. ماذا يحصل في نيجيريا أو العراق أو سوريا… إلخ؟ وقس على ذلك بقية المجتمعات الإسلامية والعربية من دون استثناء.

إن مناهضي التنوير يتحدثون عن الأمور بكل خفة -أو استخفاف- وكأن المجتمع السوري أو المصري أو السعودي يقف على نفس مستوى الاستنارة العقلية عند المجتمع الهولندي أو الفرنسي، أو الأوربي عمومًا. وأقصد بالاستنارة العقلية هنا انحسار العصبيات الطائفية والمذهبية بفضل هضم جماهير الشعب (وليس فقط المثقفين) للفلسفة العقلانية الحديثة وتجاوز المرحلة القروسطية للدين أو التدين. أحيانًا يخيل إليَّ وكأنهم يقولون: لا توجد طائفية عندنا ولا مذهبية ولا حروب أهلية مضمرة أو صريحة. كل شيء على ما يرام عندنا والحمد لله. نحن لا نشكو من أي شيء. من قال لكم بأن عندنا مشكلة؟ نحن تجاوزنا مرحلة الحداثة والتنوير بسنوات ضوئية ووصلنا إلى مرحلة ما بعد الحداثة وما بعد التنوير القديم التافه! لماذا يريد هذا الشخص أن يعيدنا مئتي سنة إلى الوراء؟ وأنا أقول: إني أريد إعادتكم أربعمئة سنة إلى الوراء وليس فقط مئتين! ليتكم توصلتم إلى مستوى الوعي الأوربي في القرن السادس عشر! ليت شمس النهضة الإيطالية العظيمة أطلَّت عليكم ولو لحظة واحدة فأضاءت عتماتِكم ودياجيرَكم المتراكمة بعضها فوق بعض منذ إغلاق باب الاجتهاد والدخول في عصر الانحطاط قبل ألف سنة. ومن ثم كفانا مكابرة أيها الأصدقاء. ورحم الله امرءًا عرف قدر نفسه.

الفرق بين المعاصرة الزمنية والمعاصرة الفكرية أو الإبيستمولوجية

إذا لم نأخذ في الحسبان الفجوةَ التاريخية الكبيرة التي تفصل الفكر الأوربي عن الفكر العربي، أو تؤخر المجتمعات العربية عن تقدم المجتمعات الغربية، فإننا لن نفهم شيئًا من شيء ولن نستطيع طرح أي مشكلة بشكل صحيح، ناهيك عن حلها وعلاجها. وهنا تطرح علينا مشكلة التحقيب الزمني والإبيستمولوجي للفكر الأوربي من جهة، والفكر العربي الإسلامي من جهة أخرى. ينبغي لنا أن نعلم أن الفكر الأوربي مر بمختلف المراحل حتى الآن وبشكل طبيعي تدريجي؛ مرحلة العصور الوسطى المسيحية، فمرحلة الحداثة، فمرحلة ما بعد الحداثة. وهنا ينبغي لنا أن نتفق على أمور؛ فمرحلة ما بعد الحداثة لا تعني إلغاء منجزات الحداثة، إنما تعني تصحيحًا للانحرافات التي طرأت على الحداثة.

أما منجزات الحداثة كالتنوير الديني وتجاوز الطائفية بوساطة العقل العلمي والدولة المدنية، فلا أحد يريد التراجع عنها. لا ريب في أنهم أصبحوا يدعون إلى علمانية إيجابية منفتحة على البعد الروحاني للإنسان ولكن من دون العودة إلى النظام الأصولي الطائفي القديم، أو التراجع عن الفكرة الأساسية للعلمانية والدولة المدنية. لا أحد يريد التراجع عن دولة الحق والقانون الذي ينطبق على الجميع. ولا أحد يريد التراجع عن الحرية الدينية المطلقة: أي حرية أن تتدين أو لا تتدين على الإطلاق، بمعنى آخر فإن آية: ﴿لا إكراه في الدين﴾ مطبقة في أوربا وليس في العالم الإسلامي. ولذلك قال الإمام محمد عبده عبارته الشهيرة: في أوربا يوجد إسلام بدون مسلمين، وعندنا يوجد مسلمون بلا إسلام. بمعنى أن مكارم الأخلاق والدقة في المواعيد والإخلاص في العمل كلها أشياء موجودة في أوربا ولكن ليست عندنا.

أكاد أسمعهم يقولون: «يا أخي، هذا الشخص يريد إعادتنا إلى عصر التنوير الأوربي. إنه يريد إعادتنا مئتي سنة إلى الوراء. ما هذا الهراء؟! نحن تجاوزنا كل ذلك. نحن في القرن العشرين، بل الحادي والعشرين. متى سيفهم هذا الشخص أننا لم نعد في القرن الثامن عشر؟!». كردٍّ على هذه المغالطة السهلة والمكابرة المضحكة(1) سوف أقول ما يلي: إني لا أريد إعادتكم إلى القرن الثامن عشر فقط، إنما إلى القرن السادس عشر أيضًا! هل تعتقدون أنكم تجاوزتم الأسئلة التي طرحتها النهضة الإيطالية العظيمة على الدين؟ بل أريد إعادتكم إلى القرن الثالث عشر وبدايات النهضة الأوربية الأولى؛ حيث انهمكوا في ترجمة علمائنا وفلاسفتنا وبنوا على ذلك نهضتهم الكبرى.

بل أريد إعادتكم إلى ما قبل ذلك بكثير: إلى القرن الثامن والتاسع والعاشر للميلاد؛ أي إلى العصر الذهبي العربي الإسلامي بالذات. هل تعتقدون أننا تجاوزنا التساؤلات التي طرحها ابن المقفع والتوحيدي والرازي والفارابي وابن سينا وابن رشد والمعري وسواهم على الدين؟ بل حتى الأسئلة التي طرحتها فرقة المعتزلة المتنورة العظيمة التي لا نستطيع طرحها الآن. أيها السادة، العالم الإسلامي ليس متخلفًا عن ركب الحضارة علميًّا وتكنولوجيًّا وفلسفيًّا فقط. إنما هو متخلف دينيًّا ولاهوتيًّا أيضًا بالدرجة الأولى. ما يقال عن الدين في العالم العربي والإسلامي حاليًا شيء مضحك ومخجل. إنه يفضحنا أمام البشرية كلها. إنه يعرينا على حقيقتنا. هل تعتقدون أننا سنخرج من هذا المغطس الكبير الذي وقعنا فيه عن طريق مثل هذا الخطاب القروسطي التكفيري الذي يبثه شيوخ الفضائيات على مدار الساعة، ويملأ العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه؟

لقد أصبحنا مهزلة العالم كله، بل أصبحنا بعبعًا يرعب العالم، بعد أن كنا ذروة الحضارة إبان العصر الذهبي. ومن ثم فالمسألة ليست مضحكة على الإطلاق.

الصراع الجدلي الخلَّاق بين مثقفي الحداثة ومثقفي القدامة

قلتها مرارًا وتكرارًا في كتبي المتلاحقة: هناك فرق بين التنوير الوسطي المؤمن والتنوير المتطرف الملحد؛ الأول يمثله (فولتير، وجان جاك روسو، ومونتسكيو، وكانط) وسواهم من عمالقة الفكر، والثاني يمثله (ديدرو، والبارون دولباك، ونيتشه) وآخرون عديدون. وقد اخترت معسكري منذ البداية بكل وضوح؛ فأنا مع التنوير المؤمن بالله والعناية الإلهية والقيم الأخلاقية العليا لتراثنا العربي الإسلامي العريق، وقلت أيضًا بأن تنويرنا لن يكون نسخة طبق الأصل عن التنوير الأوربي، ولا معاكسًا له على طول الخط؛ فهناك إيجابيات عديدة في التنوير الأوربي، وخصوصًا في بداياته عندما كان لا يزال بريئًا ولم ينحرف بعد. ولا بأس من استلهامها والاستضاءة بها. وعلى أي حال فإن صراع الأضداد الذي جرى في أوربا بين الفلاسفة ورجال الدين المسيحيين سوف يحصل ما يشبهه في الساحة العربية، بل قد بدأ يحدث من الآن، وبخاصة بعد أن وصل الإخوان إلى سُدَّة السلطة في بعض البلدان العربية قبل أن يزاحوا عنها لحسن الحظ من متنوري مصر وتونس.

فمن الواضح أن الفهم الإخواني للإسلام يتعارض مع الفهم العقلاني المستنير. والصراع محتوم بين الطرفين. ولن نستطيع تحاشي ذلك مهما فعلنا؛ فإما إسلام الأنوار وإما إسلام الإخوان. انظر إلى ما حصل في مصر إبان حكم مرسي من صراعات حادة حول «الأخونة»: أي أخونة الإدارة الحكومية والتلفزيون والإعلام والثقافة وكل شيء. ولكن الصراع ليس كله سلبيًّا كما ذكرت سابقًا. على العكس تمامًا. كان هيغل يقول ما معناه: «لا شيءَ عظيمًا في التاريخ يتحقق بدون صراعات البشر وأهوائهم الهائجة». ومن ثم فما نشهده حاليًا من اضطرابات في العالم العربي قد يكون ظاهرة صحية وليست مرضية؛ فالمجتمعات الراكدة الهامدة هي وحدها التي لا تعرف معنى الصراع، ومن ثم تجهل معنى الابتكار والإبداع والانتقال من حال إلى حال.

وعلى مدار التاريخ كان هناك صراع جدلي خصب بين العقل الديني والعقل الفلسفي. وحضارتنا العربية الإسلامية لم تبلغ أوجها إلا عندما كان هذا الصراع متألقًا إبان العصر الذهبي المجيد. ولكن عندما توقف هذا الصراع وماتت الفلسفة أُغلق باب الاجتهاد ودخلنا في عصر الانحطاط الطويل والفكر الأُحادي الممل والتكرار والاجترار… لم يعد هناك توتر ذهني أو صراع فكري في الساحة الإسلامية؛ لأن أحد طرفي المعادلة، أي العقل الفلسفي، هُمش وقُضي عليه، بل تم تكفيره وزندقته. وبموت العقل الفلسفي حصل جمود للعقل الديني فأصبح فقيرًا جدًّا من الناحية الفكرية؛ لأن الفلسفة لم تعد موجودة لكي تغذيه وتستفزه وتدفعه إلى المزيد من النضج والانفتاح. للتدليل على ذلك يكفي أن نقارن بين العقل الديني عندنا والعقل الديني في الغرب. بصراحة لا وجه للمقارنة؛ فرجال الدين في أوربا يطلعون على كتب الفلسفة ويستفيدون منها في تعميق الإيمان وفهم الدين، أما عندنا فيكتفون بقراءة الكتب التقليدية التي أكل عليها الدهر وشرب. نضرب على ذلك مثلًا: عالم اللاهوت السويسري الألماني هانز كونغ(2). إنه مطلع على أحدث النظريات الفلسفية والإبيستمولوجية، ولهذا السبب فإن دراساته عن الدين تبدو قوية ومقنعة، على عكس دراسات التقليديين المملة من كثرة التكرار والاجترار. وهذا يعني أن الاحتكاك بين الدين والفلسفة مفيد لكلا الطرفين. ومن ثم فلا بد من إعادة الاعتبار إلى الفلسفة والعقل الفلسفي إذا ما أردنا النهوض واستعادة العصر الذهبي مرة أخرى.

وختامًا فإن تخبطات الربيع العربي شيء إجباري لا مندوحة عنه؛ لأنه «لا بد دون الشهد من إبر النحل»؛ كما يقول شاعرنا الكبير المتنبي الذي اكتشف معنى الجدل وقانون التقدم قبل هيغل! وهذا يعني أن المرور بالمرحلة الإخوانية الأصولية على الرغم من صعوبتها وخشونتها شيء لا بد منه لكي نتحرر منها على طريقة: «وداوني بالتي كانت هي الداء»؛ كما يقول الشاعر الكبير أبو نواس. لهذا السبب أقول بأننا نعيش لحظة تقدمية من التاريخ العربي حتى لو كانت تبدو في ظاهرها تراجعيةً، بل فجائعية.

——————————————-

الهوامش:

(1) للرد عليهم كان يكفي أن أستشهد بذلك المهرجان الكبير الذي أقامته المكتبة الوطنية الفرنسية للاحتفال بالتنوير وفلاسفته تحت إشراف المفكر المعروف تزفيتان تودوروف عام 2006م. وقد نظموه تحت الشعار الكبير التالي: التنوير كإرث للمستقبل! بمعنى أن التنوير لا ينتمي إلى الماضي حتى بالنسبة إلى أوربا، فما بالك بالنسبة للشعوب التي لم تشهده بعد؟ لا ريب في أن أوربا الغربية استنارت إلى حد بعيد. ولكن ماذا عن أوربا الوسطى والشرقية؟ ماذا عن روسيا السلافية الأرثوذكسية؟ بولونيا لا تزال كاثوليكية جدًّا، على عكس فرنسا مثلًا. ومن ثم فهناك شعوب كثيرة لا تزال تنتظر أن تستنير. لا ريب في أنهم نظموا المعرض والمهرجان كرد فلسفي على ضربة 11 سبتمبر، لا ريب في أنهم كانوا يقصدون به الشعوب العربية والإسلامية بالدرجة الأولى، ولكن مسألة التنوير تخص الجميع.

انظر الكتاب الجماعي الذي أصدروه بعد المؤتمر والمعرض تحت نفس العنوان: الأنوار إرث للمستقبل. مطبوعات المكتبة الوطنية الفرنسية 2006م.

Lumieres! Un heritage pourdemain. Collectif Bibliotheque Nationale de France 2006.

ومن ثم فالتنوير لم يصبح في ذمة التاريخ على عكس ما يتوهم بعض المثقفين العرب!… بل إنه لم يبتدئ بعد بالنسبة لثقافات عديدة وشعوب كثيرة في العالم، إنه أمامنا لا خلفنا.

(2) انظر كتابه الكبير عن الإسلام ويقع في نحو ألف صفحة. وقد ترجم إلى الإنجليزية والفرنسية:  Hans Kung :L’Islam.Cerf.Paris 2010.

للأسف الشديد! لا نستطيع أن نقارن مشايخنا بهذا العالم الكبير. وهذا أكبر دليل على مدى تخلف الفكر الديني في بلادنا. هناك مفكر واحد يستطيع أن يرتفع إلى مستواه وربما يتفوق عليه هو: محمد أركون، أكبر مجدد للفكر الإسلامي في هذا العصر. ولكن من يستمع إلى محمد أركون؟ لحظته لم تحن بعد.
_________
*المصدر: ملف العددان ٤٨١ – ٤٨٢ نوفمبر – ديسمبر ٢٠١٦م – كتاب الفيصل.


جديدنا