صدرت الترجمة العربية لكتاب “عنف الدكتاتورية” للكاتب النمسوي ستيفان زفايغ، وقد وجد فيه مترجمة عن الألمانية، فارس يواكيم، مادة مثيرة تلائم المرحلة الراهنة التي يجتازها العالم العربي، خاصة أن زفايغ يقدِّم هنا نموذجاً غربياً للديكتاتور لا يختلف عن أي ديكتاتور في العالم.
وفي المقدّمة يكتب المترجم: ” في عام 1933 وصل النازيون إلى السلطة بانتخاب ديموقراطي، لكنهم ما لبثوا أن حولوا ألمانيا إلى دكتاتوريَّة تنافس الستالينية في عنفها وبشاعتها، وأدرك زفايغ الخطر، وأراد أن يطلق صرخة التحذير، لكنه يعرف تماماً أن الديكتاتورية لا تطيق الصرخات، ولا تحبِّذ سوى هتافات التأييد، بل هي لا تتساهل حتى مع الصرخة الأولى، فيظهر رد فعلها في كمّ الأفواه، يليه استئصال الأفواه وأصحابها. لذلك لجأ إلى التاريخ، وألبس رأيه ثوباً من الماضي البعيد، وترك للقراء أمر استكشاف التشابه الكبير بين دكتاتورية الأمس وطغيان اليوم”.
صاغ زفايغ الوقائع التاريخية في كتابه بسردٍ مشوّق، وكان قد تمرّس في كتابة السير الذاتية بعرض أقرب إلى فن الرواية، وهو صاحب باع في هذا المجال. ومن حيث المضمون، وضع الحاضر الخاضع للدكتاتورية على خشبة مسرح التاريخ في مرحلة دكتاتورية مشابهة.
وبعد نشر كتابه بسنتين، أدرك زفايغ أن الدكتاتورية بدأت في تصفية الخصوم، وأن جيوشاً من الانتهازيين يؤيدونها، فما كان منه إلا أن هاجر عام 1938 إلى لندن، ثم عام 1940 إلى البرازيل. كانت الحرب العالمية الثانية قد اشتعلت، فدبَّ اليأس في نفس زفايغ، وانتهى به الأمر إلى الانتحار عام 1942.