ابن خلدون فيلسوف التاريخ

image_pdf

تحاول زينب محمود الخضيري في كتابها “فلسفة التاريخ عند ابن خلدون” الصادر عن دار التنوير للطباعة والنشر في بيروت، إلقاء نظرة عصريَّة على فكر ابن خلدون، بوصفه مفكّراً، دون انتزاعه من خلفيّاته الفكريَّة، ومن ظروف عصره التاريخيَّة، مشيرة إلى أنّ ابن خلدون فيلسوف التاريخ، إذ أن الفكرة الشائعة عنه أنه مؤسّس علم الاجتماع، مع أنه كان أولاً وقبل كل شيء فيلسوفاً للتاريخ، وله منهجه في دراسة التاريخ ونقده للمناهج السابقة على منهجه، وتنبّه إلى العوامل المختلفة التي تؤثِّر في تطوّر التاريخ، وأهمّها العوامل الاقتصاديَّة والطبيعيَّة والدينيَّة.

لجأ ابن خلدون في دراسته للتاريخ إلى الاستناد إلى العقل والتجربة الإنسانيَّة وليس إلى العقيدة، ورأى أنّ فلسفة التاريخ تقوم على المماثلة العضويَّة بين الفرد والمجتمع، إذ أنّ الفرد يمرّ بمراحل مختلفة في نموّه البيولوجي من الولادة إلى شباب والكهولة ثمّ الموت، وكذلك المجتمع، حيث الدولة لها أعمار طبيعيَّة مثلها في ذلك مثل الأفراد. وعمر الدولة لا يزيد على ثلاثة أجيال وتمرّ بمراحل طبيعيَّة محكومة بقانون اجتماعي، لأنّها تتّفقّ مع طبيعة الأشياء.

وفي هذا الإطار، تدرس الخضيري مفهوم الدولة عند ابن خلدون، بوصفها الإطار المناسب والضروري للحياة الاجتماعيَّة والإنسانيَّة، وهي تمرّ بعدة أطوار هي: التأسيس، التوسّع، الازدهار، القناعة، وأخيراً الإسراف والتبذير.
وتأتي المرحلة الأخيرة المتّوجة لنهاية الدولة، حيث تقوم قبيلة بدويَّة ذات عصبيَّة قبليَّة قويَّة بالهجوم والإجهاز على الدولة المفكّكة وتستلم السلطة بقوّة عصبيّتها. وهكذا تبدأ دورة اجتماعيَّة جديدة في حركة حلزونيَّة أبديّة حسب القانون الاجتماعي لمسيرة التاريخ.

جديدنا