المكوِّنات الإسلاميَّة لـهُويَّة أوروبا

image_pdf

يُقدِّم كتاب “المكوِّنات الإسلاميَّة لهويَّة أوروبا” قراءة تحليليَّة تقييميَّة ونقديَّة لما يعتبرها “أكبر سرديَّة مخادِعة في التاريخ البشريّ” بشأن متلازمة “أوروبا، القارة المسيحيَّة” (أوروبا قارة مسيحيَّة حصرًا)، التي تتبنَّاها الحركات اليمينيَّة المتطرِّفة، وسط أجواء الحالة العامذَة السائدة؛ حيث تنتشر معاداة الإسلام، وتستثمر تلك الحالة في إِلْبَاس الإسلام لَبُوس الثقافة الغريبَّة عن أوروبا، وتُعلن أن المسلمين أقوام غير أوروبيّين.

ويرصد الكتاب، الصادر عن مركز الجزيرة للدراسات، في مايو/أيار 2016، للبروفيسور فريد موهيتش وترجمة د.كريم الماجري، جذور هذه السرديَّة التي تمتدُّ عبر قرون طويلة، وتقف وراءها وتُغذِّيها مراكز وقوى اجتماعيَّة مختلفة المشارب، ويبيِّن المؤلِّف أن تلك الحملة كانت حاضنتها، خلال حقبة القرون الوسطى، داخل الدوائر الدينيَّة المسيحيَّة النافذة في أوروبا بمختلف طوائفها الكاثوليكيَّة والبروتستانتيَّة والأرثوذكسيَّة. وقد أسَّست الكنيسة الكاثوليكيَّة وأطلقت ودعَّمت نشر أيديولوجيَّة الحروب الصليبية وروَّجت لها، لكن تلك الأيديولوجيا المحاربة وجدت كذلك تبنِّيًا كاملًا وتنفيذًا حرفيًّا لها لدى كلّ الطوائف المسيحيَّة الأخرى ومختلف مِلَلِها ونِحَلِها. ومنذ بدايات القرن التاسع عشر، تصدَّت مجتمعات الدول الأوروبيَّة العلمانيَّة للعب ذلك الدور، وبات جزء من أوروبا ينفي حقيقة التعدُّدية الثقافيَّة لطبيعة الهويَّة الأوروبيَّة عن طريق التَّعمية على تلك الحقيقة إمَّا بإنكارها أو بتجاهل حقيقة أن ثقافة أوروبا إنما هي مثال كلاسيكيّ لهويَّة ثقافيَّة تشكَّلت عبر قرون طويلة من التلاقح والتمازج بين عناصر ثقافيَّة-هُويَّاتيَّة مسيحيَّة وإسلاميَّة على حدٍّ سواء.

جديدنا