التراث العلمي العثماني .. قراءة مختلفة وجديدة

image_pdf

صدر عن مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي في لندن كتاب من 3 مجلدات من تأليف الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلو عنوانه ( التراث العلمي العثماني) ترجم الكتاب إلى اللغة العربية الدكتورة ماجدة مخلوف، تأتي أهمية الكتاب من التناول العميق المصحوب بالتحليل والإحصاءات لقضية العلم في الدولة العثمانية، ليجيب المؤلف على عدد من التساؤلات حول هل كان للعلم مكان في هذه الدولة؟ ليفتح لنا الباب حول موضوع جدلي هو لماذا تقدَّم الغرب ولماذا تخلَّفنا؟

شمل الكتاب دراسة جهود 4997 عالما، مركِّزا على 370 عالما جرى تقديم سيرهم وإنتاجهم مما يكشف عن قصور في الدراسات السابقة على التعاطي مع العلوم في العصر العثماني، لنرى الدكتور أكمل يقرر أنه عند النظر في العلوم الطبيعية والرياضية في الفترة الكلاسيكية نجد أن مصر وبلاد الشام كانتا أماكن جذب لطلاب هذه العلوم، لتلمع أسماء مثل شمس الدين القوصوني الطبيب الذي برع أفراد أسرته في الطب، فشكَّلوا مدرسة علمية عمل أفراد الأسرة بين القاهرة واستنبول، ومحمد بن أبي الفتح الصوفي صاحب الكتب المهمة في الفلك والرياضيات …الخ .

انطلق الدكتور اكمل إذا من تقاليد العلم المتوارثه من الحضارة الإسلامية معرفا بالمؤسسات العلمية والتعليمية التقليدية ثم انتقل إلى مرحلة التماس مع العلم الغربي، واستقرار مفهوم العلم الحديث مكان المفهوم القديم، وما ارتبط به من تشكل مؤسسات جديدة، وظهور مؤلفات علمية حديثة، التنوع في كتابات علماء الدولة العثمانية والتنوع في اللغات التي كتبت بها : التركية /الفارسية/ العربية في  المرحلة الاولى ثم باللغات الأوربية في مرحلة التماس والتداخل مع العلوم الغربية.

إن من الملفت للنظر في كتابنا هو المعلومات التي يقدمها لنا والتي يمكن من خلالها إعادة بناء تصورات جديدة عن العلم في الحضارة الإسلامية، فالدكتور أكمل يذكر أنه في القرن 13 الميلادي، بدأ بزوغ أدب تركي جديد في الأناضول ومصر، كانت أول نماذجه ملاحم دانشمند غازي وده ده فور قود وفي القرن نفسه بدأت الترجمات من اللغة العربية والفارسية إلى التركية، ومن أقدمها ترجمة تحفة مبارزي، وخلاصة در علم طب، وهما كتابات في الطب للحكيم بركت، وهو طبيب خوارزمي الأصل، وأعقبهما ترجمة تاريخ الطبري، وتاريخ ابن كثير، وتذكرة الأولياء، وفي القرنين 14 و15الميلاديين على زمن العثمانيين، ناهز عدد الترجمات إلى اللغة التركية 500 ترجمة أكثرها عن العربية، ثم عن الفارسية، وبضع ترجمات عن اليونانية. هذه الترجمات توزعت على موضوعات مختلفة، مثل الطب والأدب والتاريخ والعلوم الدينية و الجغرافيا والفلك وعلم الحيوان وعلم النبات والموسيقي، ودونت أول ترجمة لمعاني القرآن بين سطور المصحف . وفي القرن 16 م اتجه رجال البحرية والجغرافيون العثمانيون إلى المصادر الغربية، واستفادوا من من الأطالس وواكب تطور اللغة التركية وتحولها إلى لغة علم إلى تنوع في موضوعات الكتب المترجمة إلى التركية من اللغات الأوربية خاصة في القرن 17 م .

_____
*دكتور خالد عزب.

جديدنا