أثر تقنية الواقع المعزّز في تطوير التعلّم والإقلاع بمادّة الايقاظ العلمي لتلاميذ الدرجة الثالثة بمختلف فئاتهم

image_pdf


إعداد: نورس الجبالي، ورباب بنحسين.

التقرير العام

الملخّص:

باعتبار أن الطريقة التقليديَّة المعتادة في التدريس ليست بالمثلى كونها قائمة على الحفظ والتلقين ولا تراعي الفروقات الفرديَّة وتعتبر عاجزة على خلق الدافعيَّة في التعلّم، فإن من الأفضل تجنّبها قدر الإمكان في جميع المجالات خلال عمليَّة التعليم وخاصة في مجال العلوم ومادة الإيقاظ العلمي تحديدًا، باعتبارها مادة علميَّة تحتوي مفاهيم معقَّدة بعض الشيء يصعب على المتعلِّم استيعابها أحيانا، وخاصّة إذا كان من التلاميذ الذين يعانون من اضطرابات في التعلّم أو من بعض المشاكل الأخرى كالتوحّد أو متلازمة داون، وجب على المعلِّم أن يطوِّر ويحسِّن في طريقة تدريسه ويضفي عليها الجانب التكنولوجي باستخدام تقنيات حديثة تكسر النمطيَّة والرتابة داخل القسم وتقدم المادة العلميَّة بطريقة جذابة ومشوقة بهدف إثارة دوافع المتعلمين وتشويقهم، وهذا ما قمنا به نحن طالباتيّ شعبة التربية والتعليم بزغوان تحت تأطير أحد الدكاترة الباحثين حيث اخترنا تقنية الواقع المعزز كوسيلة بيداغوجيَّة للتدريس سعينا من خلالها إلى جذب اهتمام التلميذ وتحفيز دافعيته وإقباله على عمليَّة التعلُّم، ويقدِّم هذا التقرير مجموعة من دراسات لحالات مختلفة بهدف تبيّن مدى أثر تقنية الواقع المعزّز على تعليم هذه الفئة من الأطفال والذي تأكّد لنا في هذا التقرير من خلال النتائج المتحصّل عليها إثر هذه الدراسات أن هذه التقنية قد ساهمت في زيادة دافعيَّة التلاميذ وإثارة حماسهم خلال التعلّم عبر تزايد نسبة المشاركات والانخراط في بناء الدرس، ممَّا جعلهم يخرجون من الروتين المعتاد وبالتالي أصبحت عمليَّة التعلُّم أكثر متعة وتشويقًا، عكس الذي شاهدناه عند تطبيق الطريقة التقليديَّة، كما ساهمت في تطوير روح التنافس الإيجابي بين المجموعات إضافة إلى إتاحة الفرصة للتلاميذ الخجولين للمشاركة في الأنشطة التفاعليَّة.

المقدّمة

إنَّ الطفرة النوعيَّة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كان لها أثر كبير في تطور منظومة التعليم، وفي ظل هذا التعلم الالكتروني ظهرت العديد من التقنيات نذكر منها تقنية الواقع المعزّز التي لاحظنا أن لها دور في تعزيز عمليَّة التعليم والتعلّم وجعله أكثر فاعليَّة من غيرها من التقنيات وذلك لما حققته من أهداف تعليميَّة للمتعلمين بصفة عامَّة ولذوي الاحتياجات الخاصَّة بصفة خاصَّة.

وانطلاقًا من مبدأ تكافؤ الفرص، لم تعد مدارسنا التونسيَّة حكرًا على التلاميذ العاديين فقط، بل أصبحت مدارس دامجة تستقطب جميع أنواع المتعلمين مع مضاعفة مجهودات الإطار التربوي وتكوينهم في مجال التربية المختصة وحرصهم على اعتماد إستراتيجيات وتقنيات تعلّم تتماشى مع هؤلاء الأطفال وتحقق في ذات الوقت الأهداف التعليميَّة المنشودة، ويمكن ذلك باعتماد تقنيات مبتكرة تساعدهم على التعلم عن طريق تنشيط العمليات الفكريَّة الأساسيَّة مثل الانتباه والذاكرة والإدراك وذلك من أجل تيسير فهمهم وتمكنهم من المواد. ونتيجة رغبتنا في الإلمام بجميع أنواع المتعلمين وحقهم في التعلم سنسعى إلى التعرف على جميع أنواع الصعوبات التي تعترض الطفل وأثر التكنولوجيا بصفة عامة، والواقع المعزز بصفة خاصة في تطوير الأبعاد التعليميَّة للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث تساهم التقنيات التعليميَّة في حل مشكل الفروق الفرديَّة بين التلاميذ، كما تساهم في تكوين اتجاهات إيجابيَّة لدى تلاميذ التربية المختصة، ومن خلال الاستعانة بالواقع المعزز يستطيع التلميذ مشاهدة المهارة الأكاديميَّة ثم ممارستها، وبالتالي تقنيات التعليم تنقل المفاهيم المجردة والسطحيَّة إلى أخرى محسوسة، حيث إنّ التلميذ يتجنب كتابة المعلومات أو نطقها دون إدراك مدلولها.

أما بالنسبة لأهميَّة هذه التقنية بالنسبة للتلاميذ الذين يعانون من صعوبات تعلّم فهي لها دور يتجاوز الجانب الأكاديمي، فمن الناحية النفسيَّة لها تأثير إيجابي على مستوى التوتر والانتباه والنشاط الزائد، بالإضافة إلى قدرتها على التصدي للمشكلات السلوكيَّة، أما بالنسبة للجانب الاجتماعي فللتقنيات الحديثة دور في جعل التلميذ ينصهر داخل المجموعة ويتقبل الآخر ويتعايش معه.

تساؤلات الدراسة

أثناء إعدادنا لهذا البحث تبادر إلى أذهاننا سؤال “ما الذي يعيق عمليَّة التعلّم لدى هذه الفئة من الأطفال؟، كيف يمكننا مساعدتهم؟ كيف يمكننا الارتقاء بهؤلاء الأطفال في مراحل طفولتهم الأولى؟ ما هي الطريقة الناجعة التي من خلالها يمكننا ترغيبهم وتحفيزهم للدراسة والمشاركة في بناء المعلومة؟” وأسئلة أخرى تدور في رؤوسنا لا نجد لها أجوبة مقنعة، لذلك نلجأ نحن كمعلّمين وباحثين إلى دراسة الحالة فهي من أهمّ التقنيات والآليات التحليليَّة التي نستعين بها في عدة علوم ومعارف كعلم النفس، وعلم الاجتماع وعلم الاقتصاد، والطب والبيداغوجيا لمواجهة المشاكل والوقائع عن طريق تحليلها ودراستها وتشخيص الوضعيَّة سواء كانت بسيطة أم معقدة من أجل معالجتها وإيجاد الحلول الناجعة لها وفي إطار بحثنا هذا التي تتمركز دراسته حول دور تقنية الواقع المعزز في تجويد عمليَّة التعليم والتعلم والإقلاع بمادة الإيقاظ العلمي والتي هي تقنية معلوماتيَّة حديثة تعمل بالاستعانة بأجسام ثلاثيَّة الأبعاد، تقوم على دمج وإسقاط المعلومات الافتراضيَّة على العالم الواقعي وتحويل الصورة الحقيقيَّة إلى صورة حقيقيَّة معزّزة على شاشة الهاتف أو الحاسوب أو غيره.

منهج الدّراسة

قبل الشروع في أيّ دراسة على الباحث أن يختار أنسب الطرق التي من شأنها أن تساعده على تنفيذ خططه التجريبيَّة وفق معايير مضبوطة يتمّ تحديدها حسب المنهجيَّة التي يتمّ اتّباعها لذلك قمنا في هذه الدراسة باتّباع:

  • المنهج التجريبي والذي يعتبر من أهم أنواع مناهج البحث العلمي المستخدمة في العلوم التطبيقيَّة على وجه الخصوص، والقاعدة الأساسيَّة التي يعتمد عليها هذا المنهج هي الملاحظة الدقيقة والتجارب العمليَّة، مما يسهم في معرفة الحقائق، والقدرة على استخراج النظريات والمُسلمات، ويتسم هذا المنهج بموافقته لفطرة الإنسان الفضوليَّة، ورغبته في التجريب، ولقد عُرف المنهج التجريبي منذ فجر التاريخ، واستخدمه الفلاسفة اليونانيون ثم العرب والمسلمون، وفي فترة القرون الوسطى عند الغرب. 
  • المنهج التحليلي الوصفي والذي يعتبر طريقة منهجيَّة مرتّبة يقوم فيها الباحث بدراسة موضوع بهيئته الطبيعيَّة، ويدعمه في ذلك القيام بجمع الكمّ الذي يراه مناسبًا من البيانات والمعلومات، ثم توضيح العلاقة بين متغيرات البحث في صورة أسئلة أو فرضيّات، وبعد ذلك استخدام أدوات التحليل الإحصائيَّة التي تناسب طبيعة بيانات البحث، ويلي ذلك وضع النتائج، ثم ينتهي الباحث بصياغة الحلول، التي يرى من وجهة نظره أنها مناسبة.[1]

التقرير الفرعي الأول: الواقع المعزز وصعوبات التعلّم

باعتبار أن الطريقة التقليديَّة المعتادة في التدريس ليست بالمثلى كونها قائمة على الحفظ والتلقين ولا تراعي الفروقات الفرديَّة وتعتبر عاجزة على خلق الدافعيَّة في التعلّم، فإن من الأفضل تجنّبها قدر الإمكان في جميع المجالات خلال عمليَّة التعليم وخاصة في مجال العلوم ومادة الإيقاظ العلمي تحديدا، باعتبارها مادة علميَّة تحتوي مفاهيم معقدة بعض الشيء يصعب على المتعلم استيعابها أحيانا وخاصّة إذا كان من التلاميذ الذين يعانون من اضطرابات في التعلّم كعسر القراءة و الكتابة، اضطراب طيف التوحد، أو حتّى متلازمة داون، وجب على المعلّم أن يطور ويحسن في طريقة تدريسه ويضفي عليها الجانب التكنولوجي باستخدام تقنيات حديثة تكسر النمطيَّة والرتابة داخل القسم وتقدم المادة العلميَّة بطريقة جذابة ومشوقة بهدف إثارة دوافع المتعلمين وتشويقهم لما تحتويه هذه التقنيات من وسائط متعددة من شأنها أن تجعل ذهن التلميذ متيقظا ونشطا بدلا من كونه متلق سلبي للمعلومة حتى انتهاء العمليَّة التعليميَّة ودفعه لمتابعة الدرس  بثبات واكتساب أكبر قدر ممكن من المعلومات القيمة بطريقة ميسّرة،وعلى هذا الأساس اخترنا بحثنا الذي نسعى من خلاله إلى البحث في “دور تقنية الواقع المعزز في تجويد عمليَّة التعليم والتعلم والإقلاع بمادة الإيقاظ العلمي (الدرجة الثالثة أنموذجا) “ إذ يعتبر بحثنا من بين أهم البحوث التي يفرضها الواقع المعيش الذي يشهد تطورا تكنولوجيا اكتسح جميع مجالات الحياة بما في ذلك مجال التربية والتعليم ونهدف من خلاله إلى اختبار أثره على فئات مختلفة من المتعلّمين وعلى غرار ذلك قمنا بإصدار تطبيق جديد تحت اسم “عزّز و تميّز” يعمل بهذه التقنية كمبادرة منّا في مسار الإصلاح التربوي التفاعلي الذي يحاكي التطوّرات العلميَّة و التكنولوجيَّة، وفي هذا السياق نطرح الإشكاليَّة التالية:

إلى أيّ مدى يمكننا أن نتبيّن نجاعة تقنية الواقع المعزّز في الإقلاع بعمليَّة التعليم والتعلّم في مادّة الايقاظ العلمي بالنسبة للتلاميذ الذين يعانون من اضطرابات تعلّم؟

تحليل الدراسة وأهم النتائج

للإجابة على هذا السؤال قمنا نحن طالبتيّ شعبة التربية والتعليم بزغوان تحت تأطير الدكتورة الباحثة سناء عيسي بدراسة العديد من الحالات الذين يعانون من صعوبات التعلم واخترنا في هذا التقرير أن نهتمّ بعرض نتائج إحدى هذه الدّراسات الموجّهة إلى عيّنة تتميز عن بقيَّة العيّنات بأنها تعاني من ثلاث أنواع من الاضطرابات في نفس الوقت وهي:

  • عسر القراءة والتي تكون عادة بسبب وجود مشكلات في التعرُّف على أصوات الكلام ومعرفة مدى صلتها بالحروف والكلمات.
  • عسر الكتابة وهو اضطراب عصبي يمكن أن يصيب الأطفال أو البالغين على حدٍّ سواء، ويجعل الأشخاص يكتبون نصوصًا غير مفهومة أو كلماٍت خاطئة.
  • عسر الحساب وهو نوع محدَّد من اضطرابات التعلم يشمل صعوبة فطريَّة في تعلم أو استيعاب الحسابات الرياضيَّة.

قسّمنا هذه الدراسة إلى ثلاث مراحل:

المرحلة الأولى

تتمثّل في دراسة شخصيَّة وتصرّف العيّنة داخل القسم وخارجه مع المعلّم والأتراب مع تبيّن الأعراض التي توحي بأثر الصعوبة لديها.

الاستمارة التعريفيَّة

خلال التربص الميداني الثالث والأخير لطلبة السنة الثالثة والذي يقوم على المراوحة بين الممارسة بالمرافقة والممارسة شبه المستقلة وخلال زيارة ميدانيَّة لمدرسة حضريَّة، دامجة في دائرة منزل تميم، لاحظنا التلميذة رحمة التي تبلغ من العمر 12 سنة، والمرسّمة بالسنة السادسة ابتدائي وتعاني من كلّ من عسر القراءة والكتابة والحساب كما هو مذكور في الاستمارة التعريفيَّة وتحصّلنا على الاتي:

الاستنتاج

رغم جهود ومبادرات الإطار التربوي الذي يسعى إلى توفير أحسن الظروف للتلاميذ بصفة عامة، وللتلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة بصفة خاصة، لضمان تعلّم كفئ، نلاحظ أنّ رحمة طفلة ال 12 سنة التي تعاني من عسر الكتابة، عسر القراءة وعسر الحساب، لا تزال تواجه مشاكلا في التأقلم مع وضعها وفي التعاملات الاجتماعيَّة مع أترابها فنجدها عنيفة تارة، و منعزلة تارة أخرى، مع مشاركة محدودة داخل القسم واقبال نسبي على التعلّم وربما يعود ذلك إلى عدم وجود محفّزات كافية لتعزيز دافعيَّة التلميذة، ودفعها نحو المشاركة في بناء المعارف فكيف سيكون أثر تطبيق تقنية الواقع المعزز على هذه الطفلة يا ترى؟ إلى أيّ مدى ستعود عليها هذه التقنية بالنفع؟

المرحلة الثانية: تتمثّل في اختبار مردود العيّنة في عمليَّة التعلّم بالطريقة التقليديَّة دون استعمال تقنية الواقع المعزز.

قمنا في هذه المرحلة بتقديم مقطع تعليمي في الإيقاظ العلمي بالاعتماد على الطريقة التقليديَّة لقسم سنة سادسة يحتوي على 30 تلميذا، من بينهم أربعة تلاميذ يعانون من اضطرابات في التعلم، حيث اهتممنا بفتاة كنموذج قياس على هذه الفئة من التلاميذ.

ارتكزت طريقتنا في هذه المرحلة على العلاقة المباشرة بين المعلم والتلميذ فقط، حيث كان هذا الأخير متلقي سلبي للمعلومة ينتظر قدوم المعرفة، جاهزة من طرف المعلم دون أي جهد في الاستقصاء أو البحث، وهو ما نعتبره حقيقة تلقينا جافا للمعلومات، أي أن المعلم هو المصدر الوحيد والرئيسي للمعلومة.

أدّت هذه الطريقة إلى إقصاء جهود التلاميذ ومبادراتهم في عمليَّة بناء المعرفة وخاصّة رحمة، مما جعلنا نلاحظ أن نسبة مشاركتها داخل القسم كانت محدودة جدا دون رصد أي دليل على دافعيّتها للتعلّم، بل نرى فقط ترديدا للمعلومات المقدّمة من قبل المعلم دون أن تسعى لتحفيز التفكير النقدي عندها، ودعم وتطوير المهارات الحياتيَّة كمهارات التواصل والنقاش وإبداء الرأي، كما لم توفر لنا هذه الطريقة المجال لممارسة التعليم النشط الذي يقوم فيه المتعلّمون بنشاطات عقليَّة حركيَّة من مثل القراءة- الكتابة-المناقشة- حل مشكلة- طرح أسئلة- صياغة فرضيات- تجربة- بالإضافة إلى مهارات التفكير العليا كالتحليل والتركيب والتقويم.، وخاصة العمل المجموع التشاركي، مع خجل كبير من قبل التلاميذ بمختلف أنواعهم، وخاصة من يعانون من صعوبة في القراءة أو غيرها من الصعوبات، حيث استنتجنا أن التلاميذ الذين يعانون من اضطرابات في التواصل يعانون عموما من قلة الكلام، وهم أيضا يتحدثون على الأغلب بصوت غير مسموع، كما أنهم يصابون بالإحساس برغبة الامتناع عن الحديث وتجنّب المواقف التي تستلزم المبادرة بالكلام، مع انخفاض الدفاعيَّة لمسك زمام المبادرة، وربما بظهور بعض الميول العدوانيَّة كما هو الحال بالنسبة لرحمة، وبعض المظاهر التي توحي بالقلق والمخاوف العامة، مما جعل الدرس يبدو مملا جدا ويفتقر للنشاط والحركة من قبل التلاميذ، وتوضّح ذلك أكثر من خلال النتائج التي تحصلنا عليها بعد القيام بتمرين تقييمي، والتي كانت نتائجه دون المستوى المنتظر.

المرحلة الثالثة: تتمثّل في إعادة اختبار مردود التلميذ في عمليَّة التعلّم باستعمال تقنية الواقع المعزز وتبيّن الفرق   بين الطريقتين

قمنا في هذه المرحلة بتقديم مقطع تعليمي في الإيقاظ العلمي بالاعتماد على تقنية الواقع المعزز لنفس قسم السنة السادسة حيث ساعدتنا هذه التقنية المدرجة في تطبيق عزّز وتميّز على تعزيز واقع التلميذ وجعله يشارك في عمليَّة التعلم بنشاط وفاعليَّة عالية وساهمت هذه التقنية في إثراء المحتوى المعرفي التعليمي المقدم للتلاميذ والرفع من جودة التعليم إلى المستوى الذي يواكب متطلبات العصر ويجاريه.

من خلال هذه التجربة، لاحظنا أنّ استعمال التكنولوجيا، وخاصة تقنية الواقع المعزز قد حفّزت التلاميذ ذوي اضطرابات التعلم وخلقت لهم بيئة جاذبة تستطيع استرعاء انتباههم وتوفير المتطلبات ونقاط الأساسيَّة التي تدعم عمليَّة بناء المعرفة لديهم، كما تمنعهم عن الضجر أثناء الدرس عبر استبدال كلّ ما هو جامد، محدود وممل بما هو محسوس، مشوّق ويتناسب مع ميولات التلميذ وتوضّح ذلك عبر النقاط التالية:

-ارتفاع نسبة مشاركات التلاميذ بما فيهم رحمة.

– ارتفاع نسبة الدّافعيَّة لدى التلاميذ وإقبالهم على بناء المعرفة.

-خروج التلميذ من الحدود التي يفرضها الكتاب المدرسي ليجد نفسه داخل عالم معزّز بأجسام افتراضيَّة وأحيانا غير افتراضيَّة ثلاثيَّة الأبعاد بإمكانه مشاهدتها من مختلف الزوايا ممّا زاد من فضوله ورغبته في مشاهده المزيد من الأجسام وتلقّي المزيد من المعارف.

-لم يعد المعلّم هو المصدر الوحيد للمعلومة، بل أصبح التلميذ يشارك في استخراج الاستنتاجات ووضع الفرضيّات ثمّ التثبّت منها عبر التجربة.

-اكتسب التلاميذ ذوو الاحتياجات الخاصّة مثل رحمة الثقة في النفس مما ساعدهم على ابداء الرأي في اغلب مراحل التمرين كما رأينا أنّ رحمة قد امتلكت الشجاعة لتكوين الجمل حتى وان كانت بها أخطاء نطق أو غيره مع إظهارها لروح رياضيَّة عالية جعلتها تتقبّل أخطاءها وتسعى لتطوير مردودها الدراسي.

الاستنتاج:

عبر دمج تقنية الواقع المعزز من خلال استعمال تطبيق «عزّز وتميّز” بين أنشطة التعلّم، لاحظنا أن ذلك له أثر إيجابي، حيث ساهم في زيادة دافعيَّة التلاميذ وإثارة حماسهم خلال التعلم عبر تزايد نسبة المشاركات والانخراط في بناء الدرس، مما جعلهم يخرجون من الروتين المعتاد وبالتالي أصبحت عمليَّة التعلم أكثر متعة وتشويقا، عكس الذي شاهدناه عند تطبيق الطريقة التقليديَّة، كما ساهم هذا التطبيق في تنمية روح التنافس الإيجابي بين المجموعات إضافة إلى إتاحة الفرصة للتلاميذ الخجولين للمشاركة في الأنشطة التفاعليَّة ومحاولتهم في ايجاد الإجابات الصحيحة مما ساعد على معالجة المعوقات التي سبّبتها اضطرابات التعلّم و خاصّة اضطراب التواصل الذي يسبّبه عسر القراءة. أنظر الجدول رقم 4

جدول المقارنة بين الطريقة التقليديَّة وبين الطريقة القائمة على استعمال تقنية الواقع المعزّز

التقرير الفرعي الثاني: الواقع المعزز ومتلازمة داون

“طفل أنا كبقيَّة الأطفال، لا أختلف عنهم بأي خصال…طفل ترافقني البراءة أينما أغدو وتصحبني بكل أفعالي.. طفل يشع النور من قسماته، يا لذة الضحكات والأقوال..”

المقدمة

تعد فئة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة مثل أطفال داون إحدى فئات التربية المختصة التي ما فتئ يتزايد الاهتمام بها في مجتمعنا وذلك نظرا لانتشارها وفي هذا السياق تسعى مدارسنا التونسيَّة إلى دمج هؤلاء الأطفال في مرحلة التعليم الابتدائي في إطار ضمان تكافؤ الفرص بين كل الفئات وتنفيذا للبرنامج الوطني للدّمج المدرسي لهؤلاء الأطفال من بينها أطفال متلازمة داون والتي تعتبر من بين أكثر الاضطرابات الجينيَّة شيوعا، فقد خُصِّصَ له يوم عالمي تحسيسي يوافق 21 مارس وله إيحاءات حيث يشير 21 إلى الكروموسوم 21 المسؤول على هذه المتلازمة، أما بالنسبة للشهر الثالث (مارس) فهو إشارة إلى التثلّث الصبغي للكروموسوم.

تساؤلات الدّراسة

لكنّ هذه المتلازمة يمكن أن تقف عقبة في سبيل تقدم الطفل وربما تؤدي إلى تدني في نتائجه المدرسيَّة إن لم يكن الإطار التربوي بصفة عامة والمعلم المباشر للحالة بصفة خاصة على درايَّة بأساليب وطرق التعرف على هؤلاء الأطفال واحتياجاتهم ورغباتهم وكيفيَّة التعامل معهم حيث يمكن دعم عمليَّة التدخل عن طريق اعتماد تقنيات تكنولوجيَّة حديثة وبالتالي التصدّي للصعوبات التي تعترض التلميذ قبل تفاقمها ولعلّ أبرزها هي تقنية الواقع المعزز الذي يقوم عليه بحثنا لما لها من دور في تعزيز دافعيَّة التلاميذ بشتّى أنواعهم وفي مساعدتهم على تطوير التحصيل الدّراسي و على هذا الأساس يمكننا طرح الإشكاليَّة التالية :

ما هي متلازمة داون؟ ما هو السبب خلف هذه المتلازمة؟ إلى أيّ مدى قد تساهم تقنية الواقع المعزز في تذليل الصعوبات والمعوقات التي تسبّبها هذه المتلازمة؟

تحليل الدّراسة وأهم النتائج

للإجابة على هذه الأسئلة قمنا نحن نورس الجبالي ورباب بنحسين طالبتيّ شعبة التربية والتعليم بزغوان تحت تأطير الدكتورة سناء عيسي بدراسة العديد من الحالات أصحاب متلازمة داون أو ما يطلق عليها بمتلازمة الحبّ واخترنا في هذا التقرير أن نهتمّ بعرض نتائج هذه الدّراسة قصد بيان وإثبات مدى نجاعة تقنية الواقع المعزز في تعليم مختلف الفئات من التلاميذ.

في كل خليَّة في جسم الإنسان توجد نواة، حيث يتم تخزين المادة الوراثيَّة في الجينات وتحمل الجينات الرموز المسؤولة عن كل الصفات الموروثة، عادة تحتوي نواة كل خليَّة على 23 زوجا من الكروموسومات، نصفها موروث من كل زوج.

تحدث متلازمة داون، عندما يكون لدى الفرد نسخة إضافيَّة كاملة أو جزئيَّة من الكروموسوم 21 ليصبح عدد الكروموسومات في كل خليَّة 47 بدلا من 46، هذه المادة الجينيَّة الإضافيَّة تغير مسار التطور وتسبب الخصائص المرتبطة بمتلازمة داون وبالتالي فهي عبارة عن اضطراب جيني يؤدي لوجود نسخة إضافيَّة من كروموسوم 21، وقد تسبب هذه المادة الوراثيَّة الزائدة تغيرات على مستوى النمو والملامح الجسمانيَّة.

ونقصد بالمتلازمة مجموعة من الأعراض والعلامات المرتبطة ببعضها تظهر وتتكرر في أكثر من شخص ولها سبب محدد وتبقى ملازمة للشخص مدى الحياة.

إن الأطفال أصحاب المتطلبات الخاصة مثل أطفال داون لا يمكن تعليمهم تعليمًا فعّالًا باعتماد أساليب تقليديَّة تقدم المادة بطريقة جافة، بل يجب أن نوفّر لهم تعليما تفاعليا قائما على المشاركة والتحفيز وذلك باعتماد تقنيات جديدة.

وقد تطوّرت النظرة لذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع ومن منطلق تكافؤ الفرص أصبح المربّون يولون أهميَّة بالغة في اختيار الوسائل التعليميَّة لذوي الاحتياجات الخاصة وهو ما فيه مراعات للفروقات الفرديَّة.

وفي ظل التعلم الالكتروني تبيّن أن استيعاب ذوي الاحتياجات الخاصة للمعلومات باعتماد التكنولوجيا الحديثة يكون أحسن وأنجع مما يزيد من فرص التعلم والنجاح [2] .

“فإلى أيّ مدى قد تساهم تقنية الواقع المعزز في تذليل الصعوبات والمعوقات التي تسبّبها هذه المتلازمة؟”

اقتصرت العيّنة من أطفال داون على حالة واحدة وذلك نظرا لنسبيَّة تواجدهم داخل أسوار المؤسسات التعليميَّة فعموما ما يتلقى أطفال داون تعليمهم داخل مراكز التكوين المخصصة بهم لذلك اتخذنا مرام كعيّنة ممثّلة لكامل الفئة لتقوم عليها هذه الدراسة

قسّمنا هذه الدراسة إلى ثلاث مراحل:

المرحلة الأولى: تتمثّل في دراسة شخصيَّة وتصرّف العيّنة داخل القسم وخارجه مع المعلّم والأتراب مع تبيّن الأعراض التي توحي بأثر الصعوبة لديها.

الاستمارة التعريفيَّة

رغم الصورة المغلوطة المتداولة في مجتمعنا اليوم عن أطفال متلازمة داون التي تنصّ أنهم أطفال متهورّون بدرجة كبيرة إلاّ أنّ مرام أثبتت عكس ذلك عبر تصرّفاتها العقلانيَّة داخل القسم تمثّلت في البشاشة، احترام زملائها والمشاركة مع بعض الشغب في القليل من الأحيان بيد أنّ المشاركة رغم تواجدها إلاّ أنها كانت محدودة بعض الشيء وقد يكون ذلك نتيجة للخجل أو قلّة الثقة في النفس فدفعنا ذلك إلى التشوّق لمعرفة ما إن كانت تقنية الواقع المعزز ستزيد من دافعيَّة مرام وأمثالها ام لا وهذا ما سنتبيّنه في المراحل التالية.

 المرحلة الثانية: تتمثل في اختبار مردود العيّنة في عمليَّة التعلّم بالطريقة التقليديَّة دون استعمال تقنية الواقع المعزز.

حتى نلاحظ مدى نجاعة اعتماد تقنية الواقع المعزز بالنسبة لأطفال داون قمنا بتدريس حصتين مختلفتين أولهما نمطيَّة وأخرى حصة تتوسل تقنية الواقع المعزز وباعتبار أنه قسم دامج ركزنا حول التلميذة مرام الحاملة لمتلازمة داون، ورغبة منا في إثبات مدى أهميَّة وأثر اعتماد تقنية الواقع المعزز بالنسبة لأطفال داون كشد الانتباه والتحرر من قيود الخجل خاصة وخلق الدافعيَّة للتعلم، قمنا بملاحظة كلتا الحصتين باعتماد شبكة الملاحظة لنتبين مدى نجاعة وفاعليَّة هذه التقنية وبالتالي الإجابة عن سؤال” هل فعلا تخدم تقنية الواقع المعزز الأطفال الذين يعانون من متلازمة داون؟”

لم تكن عيّنة البحث عشوائيَّة أو اعتباطيَّة، بل هي عينة غرضيَّة اخترناها وفقا لشروط معينة تمثلت في أن تكون العينة تضم تلميذ حامل لمتلازمة داون، وقد تكونت عينة البحث في هذه الدراسة كما ذكرنا سابقا من تلميذة واحدة.

ومن أجل التعرف على نجاعة تقنية المعزز قمنا بتدريس نشاط بطريقة نمطيَّة (تقليديَّة)، حيث لاحظنا التالي:

  • بالنسبة لتفاعل المتعلمة ومشاركتها في بناء الدرس كانت نسبيَّة نتيجة لعدم فهمها لأغلب التعليمات وعدم نجاح المعلّمة في شدّ انتباه الحالة
  • بالنسبة لاكتساب التلميذة للمفاهيم العلميَّة المستهدفة في الدرس لاحظنا من خلال التقييم التكويني الذي وقع انجازه آخر الحصة أن معظم الإجابات كانت خاطئة وعشوائيَّة مما يوضح عدم تمكنها من المحتوى التعليمي.
  • بالنسبة لدافعيَّة المتعلمة ورغبتها في التعلم كانت النتائج متوسطة أي أحيانا تنظر باهتمام للمعلمة وفي أحيان أخرى تكون مصدر لعرقلة سير الدرس والتشويش على زملائها.
  • بالنسبة لتعزيز المهارات الحياتيَّة: لا وجود لأي تطوير للمهارات الحياتيَّة لغياب التفاعل والتواصل والعمل التشاركي الجماعي أو حتى التفاوض باعتبار أن التدريس قائم على سؤال-جواب.

الاستنتاج

نستنتج أن تدريس التلميذة التي تعاني من متلازمة داون بالطريقة التقليديَّة لم تكن بالمثلى وذلك لما لاحظناه من: عدم تمكن من محتوى الدرس، تشويش، لامبالاة، التحرك داخل القسم.

المرحلة الثالثة: تتمثّل في إعادة اختبار مردود التلميذ في عمليَّة التعلّم باستعمال تقنية الواقع المعزز وتبيّن الفرق  بين الطريقتين:

قمنا في هذه المرحلة بتقديم نفس النشاط لكن بالاعتماد على تقنية الواقع المعزز لنفس قسم السنة الخامسة الذي تنتمي اليه مرام حيث ساعدتنا هذه التقنية المدرجة في تطبيق عزّز وتميّز على تعزيز واقع التلميذ وجعله يشارك في عمليَّة التعلم بنشاط وفاعليَّة عالية وساهمت هذه التقنية في إثراء المحتوى المعرفي التعليمي المقدم للتلاميذ والرفع من جودة التعليم إلى المستوى الذي يواكب متطلبات العصر ويجاريه.

الملاحظات

  • بالنسبة لتفاعل المتعلم ومشاركته في بناء الدرس كانت النسبة فوق المتوسط حيث لاحظنا تفاعل ومشاركة للتلميذة الحاملة لمتلازمة داون، حيث لاحظنا أيضا المبادرة نحو إمساك الهاتف لمشاهدة الجهاز التنفسي بالاعتماد على تطبيق “عزز وتميز” وهو عبارة عن نسخة تفاعليَّة محسنة لبيئة العالم الحقيقي حيث يتم تحقيقها من خلال العناصر المرئيَّة الرقميَّة والأصوات والمحفزات الحسيَّة عبر تقنية التصوير.
  • بالنسبة لاكتساب التلميذة للمفاهيم العلميَّة المستهدفة في الدرس لاحظنا من خلال التقييم التكويني الذي وقع انجازه آخر الحصة أن معظم الإجابات كانت صحيحة ودقيقة.
  • بالنسبة لدافعيَّة المتعلم ورغبته في التعلم كانت النتائج جيدة حيث لاحظنا مشاركة التلميذة ومحاولة الإجابة وتجلت الدافعيَّة خاصة في مرحلة التجربة.                                           
  • بالنسبة لتعزيز المهارات الحياتيَّة: تجلى تطوير المهارات الحياتيَّة من خلال التواصل والتفاعل والتفاوض الذي شهدناه أثناء التعامل مع القميص أو التطبيق “عزز وتميز“.

ورغم محدوديَّة العينة المتعامل معها، نستطيع القول بأن تقنية الواقع المعزز أثبتت أهميتها دورها التحفيزي بالنسبة للمتعلّم الذي يعاني من متلازمة داون وساهمت في:

  • إكساب التلميذة الحاملة لمتلازمة داون المهارات الأكاديميَّة اللازمة لتكيّفه مع المجتمع المصغّر (تلاميذ القسم).
  • تكوين وبناء مفاهيم علميَّة سليمة وبطرق سلسة.
  • المشاركة الفعليَّة في بناء محتوى الدرس.

الاستنتاج

نستنتج أن تلميذة السنة الخامسة الحاملة لمتلازمة داون قد تفاعلت مع محتوى الدرس وتحصلت على العدد كاملا خلال التقييم التكويني مما يؤكد فهمها للمحتوى التعليمي وبلوغ هدف الحصة وتطور على المستوى العلائقي داخل الفصل (العمل في مجموعات)، وبعد تحليل الاستبيان يمكن استخلاص أن تقنية الواقع المعزز نالت إعجاب التلميذة الحاملة لمتلازمة داون وتود التعلم من خلالها في المستقبل.

وبالتالي يمكننا أن نقول أنّ تقنية الواقع المعزز ساهمت في حل مشكل الفروق الفرديَّة بين التلاميذ، فمن خلال الاستعانة بهذه التقنية يستطيع جميع التلاميذ بمن فيهم الذين يعانون من متلازمة داون مشاهدة المهارة الأكاديميَّة وممارستها وبالتالي اكتساب المعرفة بطريقة مشوّقة وميسّرة، خاصة وأنّ التعلم باعتماد الواقع المعزز حصد ثماره من خلال التقييم التكويني أولا والإجابات التي عبرت عنها التلميذة من إعجاب شديد وانبهار بالتقنية من خلال الاستبيان.

التقرير الفرعي الثالث: الطفل التوحدي وتقنية الواقع المعزز

مقدمة                   

يعد الاهتمام بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة داخل المجتمع وإدراك الفروق الفرديَّة بينهم ضرورة أسريَّة وتربويَّة وصحيَّة، حيث يقاس مدى تقدم المجتمعات ورقيها بمدى اهتمامها بالأطفال والعناية بهم ودراسة مواطن الضعف والقوة والعمل على تجاوزها أو تطويرها، وقد اهتمت العديد من الدراسات الحديثة بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وخاصة الطفل الذاتوي لما يتميز به من قدرات وسمات خارقة في حال وقع استغلالها بالشكل المناسب. ويتجلى ذلك من خلال إتاحة الفرص لأطفال التوحد لتلقي التعليم والانخراط في المدارس الابتدائيَّة العموميَّة التونسيَّة مثل بقيَّة أترابهم باعتبار أن التعليم حق أساسي يضمنه القانون والهياكل المعنيَّة.   

من أصعب المشاكل غير العضويَّة التي تواجهها مجتمعات اليوم في العالم أجمع هي مشكلة الذاتويَّة أو التوحّد، وهو ما أثار العديد من نقاط الاستفهام عند اكتشافه منذ خمسين عاما، وتمحورت الأسئلة المطروحة حول كيفيَّة الإصابة به  وطرق التعامل معه، وخاصّة إلى أيّ مدى يؤثر على عمليَّة التعلّم عند الأطفال، وتبعا لذلك تعدّدت الدّراسات و البحوث للوصول إلى حلّ، لذلك شهد العقد الماضي تطوّرا واضحا في توظيف البرمجيّات الحاسوبيَّة والوسائط المتعدّدة كأدوات مساعدة في علاج أطفال التوحّد، والتي أثبتت الدراسات مدى فعاليتها في علاج هذه الفئة من الأطفال وذلك عبر تعزيز مهارات التواصل والتفاعل الاجتماعي لديهم مع زيادة القدرة على الانتباه والتركيز وغيرها.[3]

ومن أجل حسن إدماج طفل التوحد وضمان تمكنه من المحتوى الدراسي المقدم كبقيَّة المتعلمين، يجب على معلم الفصل اعتماد استراتيجيات وطرائق تدريس متنوعة وثريَّة من شأنها أن تراعي الفروقات الفرديَّة بين التلاميذ ومن بين هذه الطرق يمكن أن نقترح استغلال التكنولوجيا الحديثة وتحديدا تقنية الواقع المعزز لما لها من أثر إيجابي على جميع المتعلمين بمن فيهم الطفل الذاتوي (المتوحد) وبالتالي نطبق مبدأ “علّم الأطفال وهم يلعبون ويستمتعون”.

تساؤلات الدّراسة

الأطفال الذين يعانون من مرض التوحد، من الفئات التي لها احتياجات الخاصة، باعتبارها إعاقة نمائيَّة حيث يعاني أصحابها من اضطرابات عصبيَّة تؤثر على التواصل اللفظي وغير اللفظي وعلى السلوكيات الاجتماعيَّة و يمكن ملاحظة ذلك خاصة خلال السنوات الأولى من عمر الطفل مما يعيق الأداء التعليمي لدى هذه الفئة من التلاميذ، كما يتسبب في اضطراب في الجهاز العصبي ممـا يؤثر على استيعاب المخ للمعلومات، وكيفيَّة معالجتها، وتؤدي إلى حدوث مشاكل لدى المصاب في كيفيَّة التواصل والتفاعل بمن حوله، واضطرابات في اكتساب مهارات التعليم السلوكي والاجتماعي، ومن العادات الأخرى التي ترتبط  بالتوحد هي القيام بأعمال تكراريَّة وحركات نمطيَّة ومواجهة التغير الذي يطرأ على المكان المحيط أو بالأعمال اليوميَّة ناهيك عن ردّ الفعل غير المعتاد على التجارب الحسيَّة.[4]

ووفقا لذلك ورغبة منها في الرقيّ بطفل التوحّد نحو قدرات دراسيَّة أفضل، سعت أكبر الشركات العالميَّة المتخصصة إلى طرح برامج لمساعدة الأطفال من خلال انشاء تطبيقات وتقنيات من شأنها تطوير أساليب تعليم الأطفال ذوي اضطراب التوحد في ضوء تقنيات التعليم الحديثة مثل تقنية الواقع المعزز كتقنية حديثة تستخدم في جل المجالات منها مجال التدريس، فتعزز العالم من حولنا ويتم ذلك من خلال إدخال بيانات افتراضيَّة إلى عالم المستخدم الحقيقي بشكل ثنائي أو ثلاثي الـأبعاد وغالبا ما يرتبط الواقع المحسن أو المعزز بأجهزة يمكن ارتداؤها أو أجهزة ذكيَّة يمكن حملها، ومن هذا المنطلق سعينا نحن كطلبة من إعداد تطبيق “عزز وتميز”، حيث حاولنا أن يواكب هذا التطبيق مستجدات العصر ويواكب في نفس الوقت البرامج التعليميَّة التونسيَّة ويلائم التلميذ المتوحد ومن هذا المنطلق يمكننا طرح الإشكاليَّة التالية “ما علاقة تقنية الواقع المعزز بالطفل التوحدي؟ وهل تتماشى هذه التقنية مع الأطفال الذين يعانون من التوحد؟”

تحليل الدراسة وأهم النتائج

للإجابة على هذه الأسئلة قمنا بدراسة العديد من الحالات من التلاميذ المتوحّدين واخترنا في هذا التقرير أن نهتمّ بعرض نتائج هذه الدّراسة قصد بيان وإثبات مدى نجاعة تقنية الواقع المعزز في تعليم مختلف الفئات من التلاميذ.

تعرّضنا خلال تربّصنا الميداني الأخير إلى العديد من حالات التوحّد داخل الأقسام وكانت بمختلف الدرجات، وقد حاولنا أن نقوم بتجربتنا هذه مع أغلبهم ظنّا منا أننا سنسجّل اختلافات في الاستجابة بيد أننا تحصّلنا على نفس النتائج مع جميع العيّنات أصحاب الذاتويَّة أو التوحّد.

اخترنا عينة من أطفال التوحد متكونة من 6 أفراد يدرسون في ولايتي نابل وتونس بمدارس مختلفة مرسمين في السنوات الخامسة والسادسة ابتدائي ويتمتعون بتعليم عادي. 

قمنا بتوزيع استبيان يضم بعض الأسئلة الاستقصائيَّة في مرحلة أولى وأسئلة أخرى تخص تأثير تقنية الواقع المعزز على عمليَّة تعليمهم في مرحلة ثانيَّة ثمّ قسّمنا هذه الدراسة إلى ثلاث خطوات أو مراحل:

المرحلة الأولى: تتمثّل في دراسة شخصيَّة وتصرّف العيّنة داخل القسم وخارجه مع المعلّم والأتراب مع تبيّن الأعراض التي توحي بأثر الصعوبة لديها.

الاستمارة التعريفيَّة

 لكل طفل يعاني من اضطراب طيف التوحد نمطٌ فريدُ من السلوك وأنواع اضطرابات وعراقيل معيّنة من شأنها أن تعيق تقدّمهم الدراسي وهذا ما لاحظناه خلال تدريسنا لهذه الفئة المدمجة بالمدارس أو خلال مشاهدتنا لهم وهم يدرسون، حيث يعاني بعضهم من صعوبة في التعلم، وبعضهم لديه علامات أقل من الذكاء المعتاد.

يتراوح معدل ذكاء الأطفال الآخرين الذين يعانون من هذا الاضطراب من طبيعي إلى مرتفع، حيث إننا لاحظنا أنهم يتعلمون بسرعة، إلا أنّهم يواجهون مشاكل في التواصل وتطبيق ما يعرفونه في الحياة اليوميَّة والتكيف مع المواقف الاجتماعيَّة.

  • ملاحظات حول التواصل والتفاعل الاجتماعي للطفل التوحّدي
  • عدم استجابة الطفل عند مناداته باسمه أو يبدو كأنه لا يسمعك في بعض الأوقات.
  • في بعض الأحيان يبدو أنه يفضل اللعب بمفرده؛ أي ينسحب إلى عالمه الخاص وفي أغلب الأإأخهأحيان الأخرى كان يتواصل بطريقة جيّدة مع المعلّم ربّما لأنه يشعر معه بالأمان.
  • ضعف التواصل البصري، ونسبيَّة تعبيرات الوجه.
  • عدم القدرة على بدء محادثة أو الاستمرار فيها أو قد يبدأ المحادثة للإفصاح عن طلباته أو تسمية الأشياء فحسب.
  • يتكلم بنبرة أو إيقاع غير طبيعي؛ وقد يستخدم صوتًا رتيبًا أو يتكلم مثل الإنسان الآلي كما قد يكون صوته تارة مرتفع جدّا وتارة غير مسموع.
  • يكرر الكلمات أو العبارات الحرفيَّة، ولكن لا يفهم كيفيَّة استخدامها.
  • يبدو ألا يفهم الأسئلة أو التوجيهات البسيطة.
  • لا يعبّر عن عواطفه أو مشاعره، ويبدو أنه لا يدرك مشاعر الآخرين.
  • لديه صعوبة في التعرف على الإشارات غير اللفظيَّة، مثل تفسير تعبيرات الوجه الأخرى للأشخاص أو وضع الجسم أو لهجة الصوت.
  • ملاحظات حول سلوك الطفل التوحّدي داخل القسم أو خارجه
  • يقوم الطفل بحركات متكرِّرة، مثل التأرجح، أو الدوران، أو رفرفة اليدين، أو تحريك الرأس يمينا وشمالا.
  • أحيانا بعض الأطفال يقومون بأنشطة من الممكن أن تسبب لهم الأذى، مثل العض أو ضرب الرأس وذلك في حالات التوحّد الحرجة والغير مراقبة من قبل الأخصائيين.
  • لا يحبّ التغيير في أي شيء كان.
  • يعاني من مشكلات في التناسق أو لديه أنماط حركيَّة غريبة، مثل حركات غير متزنة أو السير على أصابع القدمين، ولديه لغة جسد غريبة أو متصلبة أو مبالغ فيها وهو ما يمكن تصنيفه بالديسبراكسيا ألا وهي عسر الحركة الذي سبق لنا ودرسناه في الجامعة.
  • قد ينبهر من تفاصيل شيء ما، مثل الملابس المزركشة او ألوان الطباشير المختلفة، ولكن لا يدرك الصورة المجملة لهذا الشيء أو وظيفته.
  • قد ينبهر بجسم أو نشاط ما بحماس أو تركيز غير طبيعي.

المرحلة الثانية: تتمثل في اختبار مردود العيّنة في عمليَّة التعلّم بالطريقة التقليديَّة دون استعمال تقنية الواقع المعزز.

حتى نلاحظ مدى نجاعة اعتماد تقنية الواقع المعزز بالنسبة لطفل التوحد قمنا بتدريس نشاطين مختلفتين أولهما نمطي ونشاط آخر توسلنا خلاله تقنية الواقع المعزز وباعتبار أنه قسم دامج، سلطنا أنظارنا حول التلاميذ المتوحدين.

ورغبة منا في إثبات مدى أهميَّة وأثر اعتماد تقنية الواقع المعزز بالنسبة للطفل التوحدي مثل التغلب على إعاقتهم والتخلي عن التقوقع نحو أنفسهم والابتعاد عن السلوكيات النمطيَّة المتكررة، قمنا بدراسة الحالات عن طريق ملاحظة كلتا الحصتين باعتماد شبكة الملاحظة لنتبين مدى نجاعة وفاعليَّة هذه التقنية وبالتالي الإجابة عن السؤال: ما علاقة تقنية الواقع المعزز بالطفل التوحدي؟ وهل تتماشى هذه التقنية مع الأطفال الذين يعانون من التوحد؟

لم تكن عينة البحث عشوائيَّة أو اعتباطيَّة، بل هي عينة غرضيَّة اخترناها وفقا لشروط معينة تمثلت في أن تكون العينة تضم تلاميذ يعانون من الذاتويَّة ومرسمين بالدرجة الثالثة حتى تتماشى مع التطبيق الذي قمنا بإعداده مسبقا “عزز وتميز“.

  • تحليل تدريس أطفال التوحد بالطريقة التقليديَّة

قمنا في هذه المرحلة بتقديم مقطع تعليمي في الإيقاظ العلمي بالاعتماد على الطريقة التقليديَّة لأقسام مختلفة من سنة خامسة وسنة سادسة من بينهم مجموعة من التلاميذ الذين يعانون من اضطراب طيف التوحّد.

ارتكزت طريقتنا في هذه المرحلة على العلاقة المباشرة بين المعلم والتلميذ فقط، حيث كان هذا الأخير متلقي سلبي للمعلومة ينتظر قدوم المعرفة، جاهزة من طرف المعلم دون أي جهد في الاستقصاء أو البحث، وهو ما نعتبره حقيقة تلقينا جافا للمعلومات، أي أن المعلم هو المصدر الوحيد والرئيسي للمعلومة ولاحظنا التالي:

  •  تميز الملمح السلوكي للأطفال بصفة عامة الانطواء والقيام بأنشطة متكررة أثناء تقديم النشاط كالتصفيق أو تحريك الرأس كما ذكرنا في المرحلة السابقة (أنظر ملاحظات حول سلوك الطفل التوحدّي)، أما أثناء مرحلة التجربة (في نشاط الإيقاظ العلمي) لاحظنا عزلة وعدم تفاعل للبعض وتفاعل نسبي للبعض الاخر
  •  بالنسبة لاكتساب التلاميذ للمفاهيم العلميَّة المستهدفة في الدرس لاحظنا من خلال التقييم التكويني الذي وقع انجازه آخر الحصة أن نسبة 80% من الإجابات كانت عشوائيَّة أو غير واضحة و20% صحيحة
  • أما بالنسبة للدافعيَّة للتعلم كانت متوسطة أحيانا وضعيفة أحيانا اخرى، حيث لاحظنا عموما أنّ التلميذ يكون مرتبكا لا يشارك ولا يتفاعل إلا بصفة نادرة نظرا لغياب ما قد يجلب انتباهه.
  • ·    بالنسبة لتعزيز المهارات الحياتيَّة: لا وجود لأي تطوير للمهارات الحياتيَّة لغياب التفاعل والتواصل والعمل التشاركي الجماعي أو حتى التفاوض باعتبار أن طريقة التدريس لا توظف التكنولوجيا الحديثة ولا تستثمر العمل الجماعي.

الاستنتاج

نستنتج أن تدريس التلاميذ الذين يعانون من التوحد بالطريقة التقليديَّة لم تكن بالمثلى وذلك لما لاحظناه من: عدم تمكّن من محتوى الدرس إلا بنسبة ضعيفة تقدر ب20%، مع عزلة شديدة مما ادى لانقطاع التواصل، لامبالاة، التحرك داخل القسم بطريقة عشوائيَّة وبدون سبب.

المرحلة الثالثة: تتمثّل في إعادة اختبار مردود التلميذ في عمليَّة التعلّم باستعمال تقنية الواقع المعزز وتبيّن الفرق   بين الطريقتين:

بحثنا عن طرق ناجعة من شأنها أن تحقق مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع المتعلمين بمن فيهم الذين يعانون من التوحد وبلوغ الأهداف التعليميَّة مع مراعاة الفروقات الفرديَّة، لضمان الحق في اكتساب المعلومة بطريقة ناجعة وميسرة اقترحنا اعتماد تقنية الواقع المعزز خلال نشاط الإيقاظ العلمي في درس الجهاز التنفسي، وسوف نقوم بوصف وتحليل العينة من خلال الأبعاد التالية:

  • بالنسبة لتفاعل المتعلم ومشاركته في بناء الدرس لاحظنا تحسّن نسبي على مستوى التفاعل حيث لاحظنا مشاركة لبعض التلاميذ الذين يعانون من الذاتويَّة، كما شهدنا أيضا المبادرة نحو إمساك الهاتف لمشاهدة الجهاز التنفسي بالاعتماد على تطبيق “عزز وتميز” والتسابق نحو ارتداء القميص الذي يخدم الواقع المعزز لمشاهدة القلب وهو ينبض والرئتان في حالة حركة والقصبة الهوائيَّة والاستماع للأصوات وبالتالي مشاهدة الأعضاء التنفسيَّة ومحاكاة الواقع، وكان الانصهار داخل المجموعة واضح من خلال تقسيم الأدوار تلميذ يرتدي القميص وآخر يمسك الهاتف ويصف ما شاهد لزميله فيصبح التعليم ممتع ومشوق.
  • ·  بالنسبة لاكتساب التلاميذ للمفاهيم العلميَّة المستهدفة في الدرس لاحظنا من خلال التقييم التكويني الذي وقع انجازه آخر الحصة أن نسبة النجاح بلغت 70% من الإجابات التي كانت بدورها مقبولة بحيث تمكن التلميذ الذاتوي من تسميَّة الأجهزة وبالتالي تحقيق هدف الحصة.
  • بالنسبة لدافعيَّة المتعلم ورغبته في التعلم كانت النتائج مبهرة حيث لاحظنا مشاركة جل التلاميذ ومحاولة الإجابة وتجلّت الدافعيَّة خاصة في مرحلة التجربة والتحقق من الفرضيات.                                           
  • بالنسبة لتعزيز المهارات الحياتيَّة: تجلّى تطوير المهارات الحياتيَّة من خلال الانصهار داخل المجموعة وتقبل الآخر والتفاعل والتفاوض الذي أثلج صدورنا ولاحظناه أثناء التعامل مع القميص أو التطبيق “عزز وتميز“.

الاستنتاج

لقد أسهمت التكنولوجيا المساندة بشكل فعال في تعليم مهارات الحياة الاجتماعيَّة ومهارات التواصل والمهارات الأكاديميَّة وغيرها من المهارات، كما أسهمت المعينات السمعيَّة والبصريَّة والحركيَّة الموجودة في التطبيق من منح الأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة المزيد من الاستقلاليَّة والحريَّة في الحركة والتنقل.

وبالتالي نستنتج أن تلاميذ الدرجة الثالثة الذين يعانون من الذاتويَّة قد تفاعلوا مع محتوى درس الإيقاظ العلمي الذي وقع تدريسه بتقنية الواقع المعزز أكثر بكثير من تفاعلهم أثناء تطبيق الطريقة التقليديَّة وتمكنوا من المفاهيم العلميَّة الذي كان واضحا من خلال نجاح التقييم التكويني بنسبة 70% دون نسيان أنّ نسبة قليلة منهم كانت حالتهم حرجة جدّا لذلك لم يتمكّنوا من المفاهيم المدروسة وبالتالي باعتماد تقنية الواقع المعزز تمكنا من  بلوغ هدف الحصة وتطور على المستوى العلائقي داخل الفصل (العمل في مجموعات)،والتخلي نسبيا عن حالة العزلة والانطواء وتقبل الآخر.

وبعد تحليل الاستبيان أيضا تمكنا من استخلاص أن تقنية الواقع المعزز نالت إعجاب جميع التلاميذ من بينهم الذين يعانون من الذاتويَّة بنسبة 80% وعبّروا عن رغبتهم في التعلم من خلاله في المستقبل.

الأدوات، الوسائل والطرق

استعملنا خلال هذه الدراسة الأدوات، الوسائل والطرق التالية:

الاستمارة التعريفيَّة

جذاذة ايقاظ علمي بالطريقة التقليديَّة

-جذاذة ايقاظ علمي باستعمال الواقع المعزز

-شبكة الملاحظة

-الهاتف/الحاسوب

-عارض الصور

-استبيان موجّه للتلاميذ

-البيداغوجيا الفارقيَّة: وهي مقاربة تربويَّة تكون فيها الأنشطة التعليميَّة وإيقاعاتها مبنيَّة على أساس الفروق والاختلافات التي قد يبرزها المتعلمون في وضعيَّة التعلم، وقد تكون هذه الفروق معرفيَّة أو وجدانيَّة أو اجتماعيَّة ثقافيَّة، وبذلك فهي بيداغوجيا تشكل إطارا تربويا مرنا وقابلا للتغيير حسب خصوصيات المتعلمين والمتعلمات ومواصفاتهم.[5]

-النظريَّة البنائيَّة الاجتماعيَّة: تقوم على أنّ التعلّم هو عمليَّة تتعدل فيها المعرفة الداخليَّة للمتعلم كاستجابة لاضطرابات الناتجة عن كل من التفاعل الاجتماعي والشخصي، حيث أن التعلّم يتمّ بالتأثر بالآخرين والتفاعل الاجتماعي يلعب دوراً هاماً في بناء المعرفة.[6]

استنتاج عام

بما أن الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصّة لديهم متطلبات خاصة نستنج أن الواقع المعزز له أثر إيجابي على هؤلاء الأطفال ويمكن تلخيصها في النقاط التالية:

  • تقديم المساعدة اللازمة إلى أطفال التوحد ليتمكنوا من التعامل مع المعلومات بطريقة جذابة وإدراكها بصريا ً بشكل أيسر.
  • يمد الواقع المعزز المتعلم طرقا متعددة لاستيعاب المعلومات واختبارها بشكل ديناميكي وسريع وسهل وبالتالي توفر تعليماً مجدياً.
  • يمكن أن تساهم تقنية الواقع المعزز في تعليم الطفل المتوحد مهارات متعددة سواء أكاديميَّة، اجتماعيَّة، تواصليَّة وذلك بطرق ترفيهيَّة واعتماد ألعاب تعليميَّة وبالتالي كسر الجمود والرتابة وخلق الدافعيَّة للتعلم.
  • تسهم المعينات السمعيَّة والبصريَّة الموجودة داخل هذه التقنية الحديثة في منح الطفل المتوحد المجال للتنقل بحريَّة داخل الفضاء.
  • تركيز هؤلاء الأطفال أثناء تعاملهم مع الحاسوب أو الهاتف يعزز انتباه الطفل للمحتوى العلمي المقدم ويقلل من السلوكيات العشوائيَّة مثل وضع اليد في الفم، العض، مص الإصبع..
  • تحسين قدرة الطفل على التواصل مع زملائه والتفاعل.

[1] مبتعث للدراسات والاستشارات الأكاديميَّة،18/04/2023، الرّابط https://mobt3ath.com/

[2] عاطف أبو حميد الشرمان، تكنولوجيا التعليم المساندة لذوي الاحتياجات الخاصة، دار المسيرة، عمان-الأردن 2016.

[3] صابرة عبد الناصر خليل،التوحد: التشخيص و العلاج في ضوء النظريات،(نسخة رقميَّة)،المجلة العربيَّة لعلوم الإعاقة والموهبة،المؤسسة العربيَّة للتربيَّة و العلوم والآداب،مصر،العدد 20،ص 87 الرابط: *d8a7d984d8aad988d8add8af-d8a7d984d8aad8b4d8aed98ad8b5-d988d8a7d984d8b9d984d8a7d8ac-d981d98a-d8b6d988d8a1-d8a7d984d986d8b8d8b1d98ad8a7.pdf

[4] رونالد كولاروسو،تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة  كتاب لكل المعلّمين، مركز الأهرام للترجمة و النشر،ص105.

[5]مجلّة تعليم جديد “أخبار وأفكار تقنيات التعليم”،20/04/2023، الرابط: https://www.new-educ.com/la-pedagogie-differenciee

[6] مكتبة جواد، 20/04/2023، الرابط: https://www.jawad-book.com/2022/12/social-constructivism.html

جديدنا